من المسؤول عن تأهيلهم نفسيا واجتماعيا؟مختصون يجمعون لـ النهار :لا يوجد شخص معاق بل يوجد مجتمع معيق
التاريخ: 2010-08-09 02:30:33
خانيونس-النهارالاخباريةأذا كانت الإعاقة مشكلة اجتماعية سواء كانت فردية أو أسرية لماذا لا تلعب الأسرة والمجتمع دورا رئيسيا في تأهيل المعاق نفسيا واجتماعيا؟ هل لأن السلطة غير قادرة على توفير كل الاحتياجات اللازمة للمعاقين ام ان إعدادهم كبير جدا بحيث يصعب التوصل إلى كل الفئات في جميع أماكن تواجدهم؟؟ أم لأن الدور الرئيسي الأول والمباشر يجب ان تلعبه أسرة المعاق من حيث اكتشاف الإعاقة والبحث عن علاج لها؟
كثيرا من الأسئلة تحتاج للوقوف عندها للبحث عن إجابتها من خلال ذوى الاختصاص لمعرفة أين تكمن مسؤولية تأهيل المعاق نفسيا واجتماعيا؟
فى سياق التقرير التالي
مراسل النهار الاخبارية نزار المزين يحاول الإجابة على هذا التساؤل من خلال ذوى الاختصاص .
فتقول الناشطة بحقوق الإنسان مي يوسف :لا يعني الحديث عن توزيع الأدوار ان هناك تقاطعا أو فصل في الأدوار بينهما بل على العكس يجب الإشارة إلى تكامل الأدوار وتناسقها إذا أردنا للعملية التأهيلية ان تنجح وتحق غاياتها
وتشير يوسف: مع ذلك مازال البعض يعتقد ان الإعاقة مشكلة فردية تتعلق بالمعاق وأسرته وان المجتمع ليس هو المسئول المباشر عن إيجاد الحلول لها وهذا البعض ايضامازال يعتقد ان الإعاقة في المجتمع أمر حتمي لايمكن تجنبها أو الحد منها فالمعاقين يختلفون عن غيرهم ولذا فهم غير مؤهلين ليكونوا اغضاء فاعلين في المجتمع والاعتماد عليهم صعب ومشكلتهم تختص بهم وبأسرهم وهي قدر من الله لهم
وتضيف الحقوقية يوسف: لاشك ان هذه المعتقدات تحتاج إلى جهد كبير حتى يتم تغيرها لأن التعامل مع قضايا الإعاقة والمعاقين ليست قضية الأسرة فقط كما ان ضمان نجاح برامج التأهيل المختلفة يفترض عملا تكامليا بين جميع قطاعات المجتمع الرسمية والتطوعية والأهلية.
وتختم الحقوقية مي يوسف على ان عملية التأهيل هي المنفذ الرئيسي لمحاولة رفع جزءا من المعاناة عن المعاق حيث لا يوجد شخص معاق بل يوجد مجتمع معيق.
استنكار
ويقف أستاذ علم النفس محمود الأدهم من حيث ختمت يوسف ويقول معرفا عملية التأهيل النفسي انه هو الذي يساعد الفرد المعاق على مواجهة المجتمع بعين الثقة والقوة لتحدي جميع الضغوط النفسية .مضيفا ان المعاق إنسان سوي عاطفيا ووجدانيا حاله حال الأسوياء الآخرين مالم تكن إعاقته عقلية. ويحتاج فقط اعترافا ورعاية معقولة من ذويه ومجتمعه و إتاحة فرصة بسيطة لإثبات وجوده.
ويضيف الأدهم :إن أفضل الفرص التي تتاح للمعاق هي إتاحة الفرصة للتعليم. حيث يستطيع المعاق إثبات قدراته وقابليته العقلية والإدراكية الكاملة التي يمتلكها والتي يمكن ان يتفوق فيها في كثير من الأحيان على أقرانه الأسوياء.
وشدد الأدهم على إتاحة الفرصة للمعاقين لكي ينتظموا بسلك التعليم سواء التعليم التقليدي أو المدارس والمعاهد الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، حيث يمنحهم التعليم مزايا وفرصا عديدة، وذلك باعتباره حلقة في سلسلة حلقات تستهدف تأهيل المعاق مهنيا لكي يتكفل بنفسه وبمعيشته وربما إعالة أسرته في اغلب الأحيان
ويستعرض أستاذ علم النفس فوائد التعليم باعتباره أحد مراحل تأهيل وإعادة تأهيل المعاقين ويقول انه يعمل على زيادة مدارك المعاق العقلية الى الكثير من أمور الحياة عامة والعلم خاصة و إتاحة الفرصة لإثبات قابليته العقلية واثبات وجوده. إضافة إلى التقليل ن الشعور بمركب النقص الذي يعانيه وإتاحة الفرصة لمنافسة الآخرين و مساعدته على التكيف والاندماج مع الآخرين من خلال تكوين علاقات صداقة وتعارف.إضافة إلى إتاحة الفرصة المستقبلية له للاعتماد على نفسه اقتصاديا من خلال إيجاد وظيفة في المستقبل نتيجة لتحصيله العلمي.و زيادة خبرته عموما في الحياة طبقا لاحتكاكه بالآخرين و تعميق فهم المعاق لنفسه وطبيعة إعاقته والتكيف معها
ويوضح الأدهم ان هناك فائدة عامة تتعلق بتغيير وجهة نظر المجتمع تجاه المعاق على انه إنسان عاجز من جهة وكذلك تقليل فرص الانحراف لدى المعاقين نتيجة لما يعانوه من أزمات نفسية وعزلة اجتماعية في كثير من الأحيان، نتيجة لسوء تقدير معظم قطاعات المجتمع. وان يقعوا فريسة للمنحرفين نتيجة لعجزهم. .
وانتقل الأدهم فى حديثه إلى دورالاسرة فى تنشئة وتربية وتعاملاتها مع المعاق الخاصة لأنها تختلف كثيرا لان وضع ذوى الاحتياجات الخاصة أكثر أهمية وحرجا من الإنسان السليم ويقول يجب ان لا تتعامل الأسرة مع إعاقة ابنها على انه يجب إخفاؤه عن الأعين لأنه يمثل حرجا للأسرة منوها ان ذلك من اسوأالطرق على الإطلاق وقد تؤدى الى كارثة نفسية وأيضا تكون تلك الطريقة عاملا مساعدا لتفاقم درجة الإعاقة وزيادة تأثيرها على تدمير شخصية المعاق الذي يشعر أنة سجين أو غير مرغوب فيه مما يبعده عن التعامل مع الحياة .ويجعل منه شخص غير كامل النمو النفسي والشخصي مشددا ان هذه الطريقة تعتبر جريمة ويجب وجود قانون لمنعها .
واستنكر الأستاذ النفسي أن بعض الأسر تعتبر المعاق قطعة من أثاث المنزل ولا تجلس للحديث معه ولا تستمع الى صرخاته و اسئلتة مما يجعل المعاق يشعر انه غير مرغوب فيه وتوصله لإحساس بعدم الرغبة فى الحياة .
أشواك فى الطريق
وأضاف الأدهم قد لا تستطيع الأسرة تقديم أي دعم نفسي واجتماعي للمعاق لديهم حيث تكون هي نفسها غير مهيأة لذلك وهنا يتوجب تأهيل الأسرة وتحضيرها نفسيا واجتماعيا من اجل القيام بدور صعب ومفروض عليها . لمساعدة المعاق في التغلب على الآثار السلبية للإعاقة .
وأشار الأدهم انه إذا لم تستطع الأسرة تلبية احتياجات المعاق فان ذلك سوف يحدث اغترابا لدية ويزيد من معاناته ويقلل من فرص اندماجه.
ويشدد الأدهم ان نجاح المعاق وفشله لايرتبطان بخصائصه الشخصية فقط بل بالأسرة أيضا و ان الرفض والإهمال وغير ذلك من الأحاسيس السلبية ستؤدي بالضرورة إلى فشل عملية الدمج والتأهيل في حين ان الصبر والتشجيع ستؤدي حتما إلى الإسراع في الخروج من الآثار السلبية للمشكلة بسرعة اكبر
ويشدد الأدهم أن هناك دورا رئيسيا إلى جانب دور الأسرة وهو دور الأخصائيين الاجتماعين النفسيين حيث يجب عليهم إيضاح قدرتهم على معرفة مصادر الدعم والخدمات والتمويل والبرامج الخاصة بالإعاقة كالبحث عن مصادر مختلفة للتأهيل والتواصل مع الآخرين المهتمين بنفس القضية والعمل على توفير التغطية الطبية اللازمة للعلاج والسفر وكذلك الانتساب إلى مؤسسات الخاصة بهم لمساعدتهم في الاستشارات القانونية
وعن دور مؤسسات المجتمع المحلي قال الأدهم ان برامج التأهيل المجتمعي تتطلب دعما أوليا من إدارة البرامج من أجل نقل المعارف والمهارات التي يحتاج إليها أعضاء المجتمع المحلي إلى معارف عن أوجه الإعاقة والى إرشاد بشأن كيفية معاونة الأشخاص المعاقين ومن المسؤوليات الأساسية التي تقع على عاتق إدارة برنامج التأهيل المجتمعي والعاملين فيه ضمان حصول المجتمع المحلي المعني والأسر المستهدفة على المعلومات الضرورية بشأن مختلف أوجه الإعاقة بما في ذلك المعارف والمهارات اللازمة لمساعدة المعاقين على تنمية قدراتهم وتطويرها .ويجب أن تكون المعلومات شاملة وبسيطة وعملية وأن تتضمن حقائق فيما يتعلق بمشكلات العيش مع الإعاقة .منوها ان الكثير من الصعوبات التي يواجهها المعاقين ناتجة عن التوجهات السلبية للآخرين أكثر من نتاجها عن الإعاقة نفسها مطالبا بتغيير هذه التوجهات والعمل على الدعم والمساندة والإنسانية قبل كل شيء
ويختم أستاذ علم النفس محمود الأدهم حديثه لمراسل
النهار الاخبارية ويقول:المعاق إنسان كجميع البشر قبل كل شيء وفرد ابتلى بعاهة أو عجز نتيجة ظروف معينة، فهو عاجز يستحق منحه هذه الفرصة ليعتمد على نفسه.
وبدورنا نوجه حديثنا إلى المجتمع الذي يحكم بالإعدام على هذا المعاق من خلال تعامله ونقول ان وجود ذوي الاحتياجات الخاصة في بيوتنا أمرا ليس مخجلا ولا يدل على مرض وراثي يوجب الابتعاد عن الزواج من هذه الأسرة ويجب ان نكون عونا لهذا الشخص وليس أداة دمار له لأنه لا يوجد شخص معاق بل يوجد مجتمع يعيق.