في غزة.. من المسؤول عن مجازر الأخطاء الطبية في المشافي.. الطبيب أم الوزارة ؟ الصحفي نزار المزين ابووعد

طفل فلسطيني مصاب داخل إحدى مستشفيات قطاع غزة

غزة- وكالة قدس نت للأنباء
قد لا يخطر في بال أحد المرضى الذين كانوا ضحايا الأخطاء الطبية، أن ذهابه إلى الأطباء سيفقده حياته أو جزء من جسده نظراً لثقته الكبيرة في الطبيب الذي أدى قسم المهنة بتأدية واجبه دون تقصير باعتبار أن تقصيره أو إغفاله عن أمر ما سيكلف المرضى حياتهم.

مراسلة " وكالة قدس نت للأنباء " فلسطين عبد الكريم، سلطت الضوء على حالتين قضى فيها مواطنون وأثيرت عقب وفاتهم أو تدهور حالتهم الصحية، شكوك تتعلق بإمكانية أن يكونوا قد دفعوا حياتهم أو فقدوا شيئاً من أجزاء جسدهم نتيجة خطأ أو إهمال طبي.

الحالتان اللتان وقع فيهما إهمال وتقصير من قبل الأطباء، هما لامرأة من مدينة غزة ورجل من سكان خانيونس ..الأولى توفيت إثر إصابتها بمرض السرطان نتيجة استعمال أدوات غير معقمة من قبل الطبيب المعالج، والحالة الثانية لرجل فقد إحدى عينيه وكاد أن يفقد الأخرى بسبب خطأ وتقصير أحد الأطباء.
الحالة الأولى هي للسيدة (م.ق) (62 عاماً) من سكان غزة، توفيت بعد أن رفض الأطباء علاجها في المستشفى وتم نقلها لإحدى العيادات الطبية بناءً على طلب أحد الأطباء بمستشفى الشفاء بغزة.

وعن هذه الحادثة تقول ابنتها (س.ق):" توجهت بوالدتي إلى مستشفى الشفاء فتفاجأت أن الأطباء رفضوا علاجها إلا في عيادة خاصة ليضمنوا تلقي مبالغ مالية كثيرة، لكن طبيب ويدعى ( أ.ق) يمتلك عيادة خاصة به قال إن والدتي تعاني من وجود الغدة الدرقية في رقبتها وأكد استعداده لمعالجتها ".

وأضافت " اضطررنا إلى نقل والدتي إلى عيادته واستئصال عينة من الغدد تبين فيما بعد وقوع خطأ ما، فلقد استخدم الطبيب المذكور أدوات غير معقمة وعليها آثار دم تابعة لمريض سابق "، وحسب حديث الابنة فقد رأت ذلك بأم عينها.
وتتابع الابنة:" الطبيب أعطى والدتي بعض الأقراص المنومة تعبت إثر تناولها فنقلناها إلى مستشفى الشفاء مرة أخرى، ولكن الأطباء لم يتعاملوا مع حالتها بالجدية المطلوبة وأخرجوها من غرفة العناية المركزة عقب 4 ساعات من مكوثها فيها بالرغم من أن حالتها الصحية لم تكن تسمح بذلك " .

وقالت " الأطباء أعطوها أدوية مختلفة مما سبب لديها ارتجاج في القدمين ولم تستطع التنقل بعدها إلا على كرسي متحرك ".

الابنة تحدثت عن سفرها إلى مصر من أجل علاج والدتها قائلة:" الأطباء المصريون استغربوا ما حدث مع أمي، قائلين( هذه مجزرة) فالأدوية التي تناولتها لم تكن متطابقة مع مرضها وبالتالي سبب لديها ضعفاً في عضلة القلب ".
حزن ألقى بظلاله على الابنة لتستكمل حديثها وتقول:" التحاليل التي أجريناها أسفرت عن انتشار واضح لمرض السرطان في جسد والدتي وخاصة في الرئتين والكبد والكلى إلى حد أنها لم تكن في وعيها، توفيت والدتي في 12 رمضان 2006 وعملنا إجراءات الوفاة وعدنا برفقة خالي ".

وبخصوص إذا ما تقدمت بشكوى إلى وزارة الصحة ضد الطبيب المعالج ، قالت:" والدتي قبل وفاتها أوصت بعدم التعرض لأحد أو تقديم شكوى ضده ".

الحالة الثانية للمواطن سعيد أبو السعود (68 عاماً) من سكان خانيونس ، دخل المريض إلى المستشفى الأوروبي بتاريخ 27/4/ 2004 وغادرها بعد أن فقد إحدى عينيه إثر عملية خاطئة أجراها له طبيب في المشفى.

وعن ذلك قال أبو السعود " دخلت المستشفى ولم أكن أشكو إلا من وجود مياه بيضاء في عيني اليمنى ، حيث حدد الطبيب الذي كان يتابعني موعدا لإجراء عملية جراحية لعيني لكن طبيباً آخر ويدعى (س.ح) رفض إجراءها في الموعد المحدد وقام بتأجيلها إلى تاريخ آخر، فكان سبباً في فقداني لعيني".

وأضاف المواطن:" بعد إجراء العملية مكثت في المشفى 10 أيام خرجت على إثرها منهك القوى، ولم أرى بعيني أبداً مدة 9 أشهر"، موضحاً أنه رفض مراجعة الطبيب الذي أجرى له العملية الجراحية لشعوره بالاستياء مما حدث معه.
وتابع:" أخذت تحويله إلى مصر وأجريت عملية أخرى في إحدى المشافي المصرية ارتد على إثرها البصر لي، ويكفي المعاملة التي قابلني بها الطبيب المصري الذي أكد لي بأن عيني ستعود لعملها الطبيعي دون أن تؤثر على الأخرى ".

وفي السياق نفسه قال:" أنا لا أؤَمن أن تكون حياتي بين أيدي أطباء من غزة، ولن أسمح بتكرار ما حدث معي مرة أخرى، هذه المرة كانت عيني ولا أدري ماذا قد يكون المرة الثانية ".

وعبر المواطن المذكور عن سعادته بعدما فقد الأمل في استرداد عافيته بسبب إهمال طبي وتقصير ارتكب بحقه، داعياً الأطباء بأن يؤدوا رسالتهم بكل أمانة ودقة لأن بين أيديهم حياة أناس أبرياء هم أخيراً ضحايا لهذا الإهمال ونتيجة عدم التعامل الجدي مع الحالات المرضية.

من جهته قال أحد الأطباء الذي رفض الكشف عن نفسه لـ"وكالة قدس نت للأنباء" :" إن الإهمال الطبي يأتي نتيجة عدم وجود كادر طبي مهني متخصص، وذلك بعد استنكاف عدد من الأطباء اثر الانقسام السياسي الحاصل وبسبب قلة الأدوية المطلوبة في ظل استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة ".
من جهته أكد د.حسن خلف، وكيل مساعد بوزارة الصحة بحكومة غزة، أن الشكاوى التي تلقتها الوزارة قد تم تشكيل لجان عليا للتعامل معها بمنتهى الجدية، وقال:" لا يمكن منع حدوث مثل هذه الأخطاء لأن أمريكا وحدها تعاني من نسبة 30% تؤكد وقوع أخطاء طبية بحق مواطنيها "، موضحاً أن الوزارة تسعى دائماً إلى رفع الظلم عن كاهل المواطن والتخفيف من معاناته.

جدير بالذكر أن د.خلف شارك في معظم التحقيقات التي تناولت قضايا وشكاوى قدمها مواطنون ضد من تسببوا بوفاة أقارب لهم أو بمشاكل لديهم، وبخصوص ذلك تابع قوله " كل من يثبت أنه متورط في إهمال أو تقصير بحق مواطنين سيتم معاقبته وإعادة الحقوق لأصحابها سواء بمحاسبة المسئولين عنها أو بمنح تعويضات للمتضررين منها ".

وأضاف " في الحكومة العاشرة تم تلقي شكاوى ضد أطباء ارتكبوا جرائم طبية وتم معاقبة المخطئين والمتسببين فيها ".
واعتبر خلف أن وجود مثل هذه الأخطاء الطبية مشكلة ليست هينة وأنه ينظر إليها على أنها مشكلة خطيرة باتت تواجه المستشفيات المحلية وخاصة في غزة، مؤكداً أن حدوث هذه الأخطاء دليل على أن الأطباء ليسوا كلهم بنفس الكفاءة ولكن ذلك لا يعني الاستهتار بحياة الناس.

وقال:" الوزارة لها كامل الصلاحيات في فرض رقابة على ما يحدث داخل المستشفيات "، مشيرا إلى أنه لا يمكن منع حدوث أخطاء كهذه، ولكن عندما يثبت أن للمواطن حقاً سوف يتم اتخاذ قرار من لجان التحقيق المكلفة من وزارة الصحة إما بتصحيح الخطأ أو معاقبة المسئولين عنها