عصفور الوطن...فيلم انتصر للمقاومة ويجسد الواقع الفلسطيني من النكسة حتى حلم العودة

غزة- وكالة قدس نت للأنباء
هرب الجنود الإسرائيليون إثر الانتفاضة الشعبية للقرية ، واقتحم الثوار الملثمون بخيولهم المستوطنة، وسط صرخات الله أكبر، فيما كان العلم الفلسطيني يرفرف فوقهم ، وتعالت الطلقات النارية وحمي وطيس المعركة، المواطنون بشعلهم النارية أحرقوا مواقع الجنود والمقاومون انتصروا برصاصهم لدماء الشهداء.

تلك كانت هي الخاتمة في المشهد الأخير لفيلم " عصفور الوطن "، الذي يجسد مراحل هامة ومفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية ، هذا الفيلم الذي حضر عرض افتتاحه الخاص بالصحفيين مراسل وكالة قدس نت للأنباء " ناهض منصور" ، وأعد هذا التقرير بحيث يمكن القول عنه بأنه الفيلم الذي استطاع المخرج الفلسطيني مصطفى النبيه التفوق على نفسه ، وذلك من خلال متابعتي لأعماله السينمائية والتلفزيونية وكذلك المسرحية على مدار 10 سنوات ، واستطاعته استخراج القيم الفنية والإبداعية في حركات الممثلين وتعابيرهم.

يقول المخرج النبيه حول العناصر التي اعتمد عليها الفيلم :" اعتمد بشكل أساسي على الرمز في بناء العمل، النخيل رمز الشموخ ، العصافير رمز الحرية ، الزيتون رمز السلام ، الخيول رمز المقاومة والأصالة اللقطات الواسعة رمز الحرية والانطلاق ".



فيلم عصفور الوطن تم تصويره في البيئة الفلسطينية المهاجرة بطبيعتها وشموخها دون أن يكون هناك رتوش أو إصلاح عليها، إلا في مشاهد المستوطنة الإسرائيلية ، كونه لا يوجد الآن مستوطنات بعد الانسحاب من قطاع غزة، خاصة أن أحداث الفيلم كلها تدور بعد نكسة 67 حتى نصر 73.

وعن طبيعة العلاقة التي ربطت الجميع في السراء والضراء والرؤية التي يريد إظهارها المخرج بالفيلم أوضح النبيه أنه اعتمد المفهوم الثقافي الذي يتحدث أن الأطفال الذين يموتون هم عصافير الجنة أي أرواح تحلق في سماء فلسطين وهنا يكون مبرر للشاب الصاعد محمود الشيخ الذي لعب دور " يوسف " ليتجه إلى كمب الجيش "موقع" الذي يفصل فلسطين عن بعضها البعض ليبحث عن أرواح والديه ، وكذلك تكاثف أهل القرية في فرح الممثل سعد الدين مخربان والذي لعب دور " إبراهيم " العريس والشهيد .

كذلك كان هناك توفيق كبير جدا للنجم والفنان ناهض حنونة، الذي لعب دور" أبو إبراهيم"، واستطاع الخروج من عباءة المسرح إلى تجسيد دور الأب ولأول مرة ونجح به باقتدار كبير جدا، بينما واصل كلا من الفنان الكبير زهير البلبيسي والذي لعب دوره " أبو خضر" وأحمد حسين الذي كان في دور المختار ، تألقهما باقتدار شديد ، كونهما كانا مفصل محوري ورئيسي في الفيلم ، لأن المختار كان يجسد روح القرية واجتماع أهلها في " الشق " .



ومن جماليات هذا الفيلم على مدار 100 دقيقة بأنه يجعلك مرتبطا بالأحداث والمشهد تلو الآخر، من حيث البناء الدرامي وتسلسل الأحداث ، وكذلك المؤثرات الصوتية والفنية التي استخدمت، كلها كانت عناصر بناء هامة جدا، خاصة إذا تحدثنا أن هذا الفيلم صور بكاميرا واحدة وبأقل الإمكانيات التي يمكن أن تتوفر لأي مخرج في العالم ، وهو ليس مجرد إضافة في تاريخ السينما الفلسطينية، بل يمكن أن نعتبره تجسيدا لمراحل تاريخية ومفصلية هامة في تاريخ القضية الفلسطينية ووجودها.

وقد استطاع المخرج أن يتحرر من البكائيات ويخاطب العقل من خلال تقديم نموذج مشرف للمقاوم الفلسطيني مستنيرا بتعاليم الدين الإسلامي والتي تنص على معاملة الجريح أثناء الحرب ، وقال:" نحن من خلال الفيلم نشاهد قائد المقاومة إبراهيم بعد الاشتباك مع دورية عسكرية للاحتلال يرفض أن يقضي على جندي إسرائيلي جريح بل يمنحه الحياة ويقول له " نحن لم نقاتل لأجل القتل بل نقاتل لنهب شعبنا الحرية والحياة " .

في حين يدفع إبراهيم عمره ضريبة إيمانه بقضيته ويسقط شهيدا في ليلة زفافه ويجروه وهو شهيد ويطلقون النار عليه ، يذكرنا هذا المشهد بالشهيد " شاكر حسونة " ويظهر من خلالها المخرج وحشية الاحتلال .



كما يقدم للعالم ثقافة المحتل وهم يتراهنون على قتل طفل فلسطيني مقابل سيجارة وعندما تسقط الأم شهيدة بعد أن تحتضن ولدها وتفديه بنفسها يغضب جندي الاحتلال لأنه خسر السيجارة ويبدءون بالرقص والتهليل على دماء الشهداء

فيلم "عصفور الوطن" جسد حقيقة الشعب الفلسطيني وقيمه وحافظ على الثوابت الفلسطينية وأهمها حق المقاومة ، فالمخرج تحرر من النمطية ولم يقدم الاحتلال وهو يبطش ثم يدعو الشعب لمقاومته بل قدم الشعب من البداية يناضل ويقاوم ويطارد الاحتلال من مكان إلى أخر إيمانا منه بعدالة قضيته ، كما قال الشاعر "معين بسيسو " نعم قد نموت ولكننا سنقتلع الموت من أرضنا .

كذلك انتصر الفيلم للمرأة ، ولعل الدور الذي لعبته المرأة الفلسطينية جنبا إلى جنب مع الرجل، يؤكد الدور التاريخي والبطولي للمرأة الفلسطينية، فهي ليست لتربية الأولاد، بل شاركت الرجل في زراعة الأرض وجني الزيتون وقدمت الابن الشهيد كما في "مشهد استشهاد إبراهيم " وكذلك مشاركتها في الدفاع عن القرية ضد الاحتلال الإسرائيلي واقتحامها للمستوطنة.



فيلم عصفور الوطن قصة " عبد الله عبد الرحيم " ، وسيناريو عبد الله عبد الرحيم ومصطفى النبيه، ومن إنتاج : مركز بيروت الدولي للإنتاج والتوزيع الفني (لبنان ) ، منتج منفذ شركة المقدسية للإنتاج والإعلام الفني (غزة)، أما طاقم الممثلين فتكون من زهير البلبيسي "أبو خضر " ناهض حنونة "أبو إبراهيم " ، إيناس السقا "أم خضر" ، زكية البيومي "أم مصطفى " ، محمود الشيخ" يوسف" ، سعد الدين مخربان " إبراهيم " ، أمال الشناوي " رقية" عوض أبو الخير "حميد" ديانا ارقيق " يسرى " ، كامليا أبو سمك " أم إبراهيم " ، محمد الريفي "خضر " ، أحمد حسين " المختار" .

بينما لعب دور الشخصيات الإسرائيلية كل من صالح أبو سحلوب " ديفيد " ، سعدي العطار " موشيه " ، أحمد الشيخ " أبرام" ، محمد أبو الروس "إسحاق"، وكان من تصوير " محمد البرعي " ، أما الصوت " عماد الخريبي " ، والإضاءة " هشام مرشد " ، بينما الجرافيك " يوسف جير " ، والمؤثرات الصوتية "رامي حماد" ، والمونتاج " إياد أبو زبيدة"، ومن إخراج : مصطفى النبيه