تعتبر المشاركة السياسية للشباب هدفاً أساسيا تسعى الدولة لتحقيقه من خلال مؤسساتها المختلفة, وذلك انطلاقاً من أهمية دورهم بنهوض الدولة بما يتفق مع ضرورة المرحلة ومتطلباتها في ظل المتغيرات المستمرة على القضية الفلسطينية, ليجد الشباب أنفسهم في حيرة من الأمر فالبعض مع، والبعض الأخر يبحث عن ( ..... ) .
الشاب إبراهيم "23عاماً" طالب في أحدى الجامعات الفلسطينية قال لـــ أسوار" لا يوجد رغبة حقيقية لدى الشباب الفلسطيني في قطاع غزة للمشاركة السياسية بسبب عدم وجود قوانين لحماية الشباب إذا قاموا بأية فعالية سياسية .
وبيّن إبراهيم أن حرية الرأي والتعبير في قطاع غزة والضفة الغريبة معدومة ولا يمكن التعبير بحرية قائلا ً " لقد أصبح الشباب محرومون من التعبير عن رأيهم مع أخوتهم في البيت الواحد وحتى داخل سيارة الأجرة، فكيف سوف يشارك سياسياً في بناء وطنه طالما لا يوجد حرية للتعبير عن الرأي".
وبدوره أكد أسامة مصلح "22عاما"ً أن "هناك شعور بالإحباط لعدم وجود فرصة حقيقة للمشاركة السياسية لأن الأحزاب الموجودة في الساحة الفلسطينية تفرض عليك منهجها الخاص ولا تقبل بأي تغيير من قبل الشباب فتجد نفسك إما حمساوي أو فتحاوي أو جبهاوي أو...، وهذا يشبه الفطرة التي يولد عليها الإنسان "على حد قوله".
بينما يعلل الشباب هاني العبيد"22عاما" طالب في جامعة الأقصى سبب عدم مشاركة الشباب سياسياً هو حالة الفقر والبطالة التي أوجدها الاحتلال الإسرائيلي والانقسام الفلسطيني الذي أوجد نوعا من عدم الشعور بالأمان حتى على الكلام في غزة والضفة.
وتابع هاني أنه من المفروض علينا كشباب أن نفكر في بناء (الغد والمستقبل والدولة والحلم و...) ولكن أصبحنا نفكر في كيفية توفير (أسطوانة غاز و... أو حتى الزواج على اعتبار أن مقولة "فاتها القطار" التي تطلق على الفتاة العانس أصبحت تطلق علينا) .
وفي حين رد أسامة على هاني وكلاهما ينتميان للملتقي الشبابي التنموي قائلاً "ربما ما تقوله صحيح ولكن متطلبات المرحلة الحالية تدفعنا إلى تقديم شيء، وأن نسمع صوتنا كشباب فلسطيني يحلم بالتحرير إلي كل العالم مؤكدين أننا موجودون على الخريطة وأنه رغم كل الانتهاكات في حرية الرأي والتعبير إلا أنه سيأتي اليوم الذي سيقود فيه الشعب الفلسطيني إلي التحرير شباب".
وفيما يختص بالأحزاب السياسية ومشاركة الشباب أكد الباحث الفلسطيني في الشؤون السياسية رزق المزعنن لــ أسوار أن الشباب هم أساس وجود هذه الأحزاب على أرض الوقع وعليهم إدراك ذلك حتى لا يكونوا (أضحوكة) أو يستغلهم القائمين على الأحزاب.
وأوضح المزعنن أننا كمجتمع فلسطيني لا نحكِّم قيم العقل التي تقتضي احترام الرأي الآخر لعدم وجود رأي مقدس فهو عرضة للتجربة وقابل للنجاح والفشل, ولكن مشكلتنا في فلسطين أن الشيء المقدس كثير(كالحزب المقدس والزعيم المقدس, والوطن المقدس و... )مؤكداً أن فئة الشباب قادرة على إدارة الحوار والمشاركة السياسية وتغيير الوقع.
وأشار الى أن المجتمع الفلسطيني مأزوم سياسياً خاصة بعد أوسلو نتيجة تضخيم قضايا المجتمع المدني وإحداث تقسيمات في المجتمع(فئة الشباب وفئة المرأة وفئات أخرى) التي حققت بعض النجاحات ولكن ليس بالمستوى المطلوب .
وبدوره قال المختص في العلوم السياسية عاهد فروانة لـــ أسور"إن المشاركة السياسية حق أساسي لكل مواطن مكفول بالقانون ويحق له القيام بأي عمل تطوعي بهدف التأثير على اختيار السياسات و السياسيين و إدارة الشؤون العامة.
وبيّن فروانة أن ما يشهده واقعنا الفلسطيني اليوم وخاصة لدى فئة الشباب "أنهم مشاركين بصورة خاطئة وفق مفاهيم غير صحيحة أو عازفين تماما عن هذه المشاركة، مؤكداً أن المشاركة التي نراها هي مشاركة حزبية وليست سياسية بمعناها الشامل، فنرى الشاب يتخندق في صف حزبه مدافعا عن كل سياساته وأفعاله صحيحة كانت أم خاطئة ويرفض الرأي الأخر بل ويقمعه و لا يحاول العمل على تغيير السياسات الخاطئة في حزبه .
وقال" ما سبق هو ناتج عن التعبئة الحزبية الخاطئة والمدمرة، والتي سوف تؤدي بالمقابل إلى نفور القسم الأخر من الشباب عن المشاركة السياسية لأنه يعتبر أن الجو العام غير صحي وغير ملائم ويصبح غير قادر على التأثير" .
وطالب المجتمع إلى الانتباه إلى هذا الموضوع الخطير والعمل لتهيئة الأجواء من اجل مشاركة سياسية كاملة تحفظ لنا شبابنا وتستثمر طاقاتهم الجبارة في الأماكن الصحيحة.