فضائيات رسمية وأخرى حزبية وتحت التأسيس وسائل إعلام تجارية وخاصة ، عشرات المواقع الإعلامية والصحفية والإخبارية الفلسطينية ، صحف رسمية وأخرى حزبية ، وكالات أنباء فلسطينية وأخرى عربية وأجنبية عاملة في الأراضي الفلسطينية ، مراكز إعلامية وأخرى للدراسات والأبحاث ، مئات المدونات الخاصة والإعلامية .
بازار إعلامي وصحفي في غزة ، الكُل يلهث وراء هذه المهنة التي أصبحت عبارة عن سلعة للترويج وطريقة لمهاجمة الخصم والإنتقام والتشهير وتحت مسميات عدة والجميع يدعي الشفافية والنزاهة والإستقلالية والمهنية والدليل على ذلك أن الخبر الواحد تجده في معظم المواقع الإخبارية والإعلامية على شبكة الإنترنت في آن واحد والكُل يدعي السبق الصحفي وفي حقيقة الأمر أنها مجرد عمليات قص ولص دون أي رقابة أخلاقية أو مهنية لأن نظام الدكاكين هو الذي يحكم المؤسسة الصحفية والإعلامية الفلسطينية .
لقد كان العمل الصحفي الفلسطيني في السابق عبارة عن الشوكة التي تقف في حلق الإحتلال الإسرائيلي ، وكان هذا النوع من النضال يؤرق دولة الإحتلال إلى جانب أنواع النضال المشروعة الأخرى أثناء الانتفاضة الشعبية بدايات العام 1987م ، حيث كان العمل الصحفي الفلسطيني ممنوعاً ومطارداً من قبل الإحتلال وأعوانه حيث كانت تُمنع الصحف الفلسطينية والمجلات السياسية التي طريقة للتعبئة التنظيمية الفصائلية ، ولقد كانت النماذج كثيرة على أن هذا النضال ظل نموذجاً شريفاً لمقاومة هذا الإحتلال الغاشم إلى حين إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية بدايات العام 1994م حيث بدأت النشاطات الإعلامية الرسمية إلى جانب بعض النشاطات الخاصة حتى وصلنا إلى انتفاضة الأقصى عام 2000م حيث بدأت عملية الإنطلاق لمجموعة المواقع الإعلامية والصحفية إلى أن وصلنا بعملنا الصحفي والإعلامي إلى ما أشبه بغابه للصراع والإختلاف .
إن العمل الصحفي والإعلامي يحتاج إلى المصداقية في نقل الخبر ، خاصة إذا تعلق الأمر بقضية كقضيتنا الفلسطينية التي تشكل إهتماماً لدى القراء على مستوى العالم ، وكذلك قضية الخلافات الفلسطينية الداخلية التي بالتأكيد كانت صاحبة الفضل على الكثير من المواقع التي تأخذ على عاتقها نشر الأخبار والتقارير دون أي رقابة داخلية أو رسمية ودون التأكد من صحة الخبر في الكثير من الأحيان .
لقد ساهم الإعلام الفلسطيني في تعميق الخلافات الفلسطينية الداخلية في الكثير من المواقف ، لكون جزء من هذا الإعلام يعتمد على نظام القص واللصق ، هذا النظام الذي جعل الخبر ينتشر في العديد من المواقع بنفس الصيغة وأحياناً كثيرة تكون الأخطاء الإملائية واردة فيه بصورة تسيء للإعلام ولمصداقيته لكونه مطالب بالتحري والعمل الميداني من أجل الحصول على الخبر وليس الإعتماد على النسخ والنقل من المواقع الأخرى .
إن غياب المرجعيات القانونية والمهنية للعمل الإعلامي في فلسطين قد ساهم في زيادة حجم الوسائل الإعلامية التي أصبحت بمثابة دكاكين صغيرة تعمل في إطار خاص بعيداً عن المسائلة والمحاسبة والرقابة لكون مهنة الصحافة والإعلام تحكمها أخلاقيات للمهنة ، لذلك فإن ما يحصل اليوم هو نتيجة طبيعية لحالة الترهل في الجسم الإعلامي الفلسطيني الذي بالتأكيد كان دائماً في مرحلة متقدمة من النجاحات ، وقد قدم لأجل هذه النجاحات خيرة الزملاء دمائهم ليلحقوا بركب الشهداء ومازال منهم من هو خلف القضبان في سجون الإحتلال الإسرائيلي .
لقد سئم شعبنا العشوائية والفوضي في كافة مناحي الحياة ، وهو يحتاج كُل جهد لتوحيد الصف الفلسطيني ليس فقط سياسياً بل على كافة المستويات والصُعد ومنها العمل الصحفي والإعلامي لكونه الناقل الرسمي للحقيقة ولصورة شعبنا الفلسطيني أمام العالم ، فلا نريد سوى أن نكون بمستوى تضحيات الشهداء والأسرى لنبني إعلاماً حقيقياً يأخذ على عاتقه المساعدة والمساهمة في النضال الطويل للتحرر من الإحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية الديمقراطية المنشودة التي نريدها خالية من كُل الشوائب والسلبيات .