نقابة الصحافيين: انتخابات بالنيابة ... مصطفى إبراهيم
خيبت حركة "حماس" آمال أولئك الذين توقعوا ان تقوم الحركة بحملة من الإجراءات التعسفية بحق الصحافيين المحسوبين على حركة "فتح" حتى الآن، ومع ذلك اتهمت حركة حماس أنها عطلت انتخابات الصحافيين في قطاع غزة من خلال توجه بعض الصحافيين للمحكمة في غزة للطعن بالإجراءات السرية وغير القانونية التي قام بها مجلس النقابة السابق.
لكن الخيبة الكبرى والخطيئة التي ارتكبتها الجبهة الشعبية بحق الصحافيين والعملية الديموقراطية اكبر بكثير من خيبة أولئك الذين عززوا الانقسام تحت شعار الوحدة الوطنية الزائف، وكانت الصدمة وخيبة آمال عدد كبير من الصحافيين أكثر وقعاً في نفوسهم من الموقف غير المبرر من مشاركة الجبهة الشعبية في عملية التزوير والتزييف التي جرت تحت ما يسمى العملية الانتخابية في نقابة الصحافيين في رام الله.
في تبرير أحد المسؤولين في الجبهة الشعبية للمشاركة في قائمة الوحدة الوطنية لانتخابات مجلس نقابة الصحافيين قال: ان الجبهة وافقت على المشاركة بناء على اتفاق مع حركة فتح، وأنها حققت إنجازين، الأول: أن يكون المجلس المنتخب لمدة عام، وان تقام الانتخابات في العام القادم على قاعدة التمثيل النسبي، والثاني: أن تتم غربلة العضوية من خلال لجنة مهنيةّ!
تبرير المسؤول لم يقنع حتى أولئك المبتدئين في العمل السياسي والنقابي، وان تجربة إصلاح منظمة التحرير التي تنادي بها الجبهة وفصائل اليسار منذ عدة سنوات لم تتم ولن تتم، فما بالك بنقابة الصحافيين التي سعت بعض الأطراف في حركة فتح لإجراء الانتخابات فيها بأي ثمن، وأرادت من الجبهة الشعبية أن تشكل الغطاء لعملية التزوير والانتخاب بالنيابة.
كيف سمحت الجبهة الشعبية وفصائل اليسار لأنفسهم المشاركة في تعزيز الفساد، وعدم تفعيل قيم الديموقراطية و مبدأ المحاسبة والمساءلة؟ ألم يقوم أحد المحسوبين عليها وآخرين في مجلس النقابة السابق بالتوجه بشكوى إلى النائب العام للتحقيق في قضايا فساد ضد نقيب الصحافيين السابق؟ وكيف تسمح الجبهة الشعبية لنفسها في التستر على قضايا الفساد والتزوير والتدليس، وحرمان الصحافيين في قطاع غزة من حقهم في المشاركة في العملية الانتخابية بحرية ونزاهة؟
أين هو الشعار الذي رفعته الجبهة الشعبية للتصدي للاعتداء على الحريات العامة وحقوق الإنسان و الديموقراطية؟ ولماذا شاركت في الصمت عن فضح الفساد وتعريته؟
صدمة وخيبة لدى الصحافيين الذين ظنوا ان الجبهة سوف تستمر في الوقوف إلى جانبهم ومساندتهم في معركتهم السلمية والنضال من أجل بناء نقابة صحافيين مهنية عن طريق إجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة.
أحد الصحافيين الذين راهنوا على موقف الجبهة في الاستمرار في التصدي لمحاولة خطف النقابة، وكان يكرر مقولة احد القياديين في الجبهة، " لن نشارك في عملية تزوير الانتخابات من أجل الحصول على قطعة من الكعكة الفاسدة، وسنناضل من أجل تثبيت مبدأ التمثيل النسبي، ولن نكون جزء من تعزيز الانقسام".
الصحافي المصدوم من موقف الجبهة قال: "مشاركة الجبهة في اتفاق رام الله حول نقابة الصحافيين تراجع وطعنة في الظهر، وليست هذه الجبهة التي عرفناها وكانت مثالا للطهر والنقاء الثوري، والتمسك بالمبادئ مهما كلف الثمن".
ما جرى من عملية سطو على نقابة الصحافيين وتزوير إرادتهم، وما يسمى بعملية الانتخابات التي تمت بالنيابة في رام الله ولم يشارك بها صحافيو غزة، هي عملية غير قانونية وغير أخلاقية، وتعتبر مشاركة الجبهة وفصائل اليسار في عملية السطو واختطاف لنقابة الصحافيين، و إهانة لكل الصحافيين الذين نادوا وما يزالوا بنقابة صحافيين مهنية، وتعزيز للانقسام ومبدأ المحاصصة والكوتا وتغيب لمبادئ الديموقراطية وحقوق الإنسان.
وما الشعار الذي رفعته الجبهة الشعبية على إثر الانقسام وخلال الحشد الجماهيري الكبير الذي شارك الجبهة في انطلاقتها الأخيرة في مدينة، ما هو إلا شعار مزيف وتعزيز للانقسام والمشاركة في إقصاء الآخرين، وتغييب مبدأ المساءلة والمحاسبة.
ولا يزال هناك متسع من الوقت لان تقوم الجبهة الشعبية بالتراجع عن موقفها في المشاركة في اختطاف النقابة، والانتصار لغزة والصحافيين وقيم العدالة والديمقراطية وحقوق الإنسان وشعاراتها ومبادئها الوطنية الثابتة، وان تكون سباقة في تسجيل موقف وطني ديمقراطي كما سجله الراحل الحكيم الدكتور جورج حبش عندما رفض ترشيح نفسه لانتخابه أمينا عاما للجبهة!
ملاحظة/ أحد أعضاء مجلس نقابة الصحافيين الجدد والذي ما يزال يتعلم أبجديات اللغة العربية، والمعين على قائمة حركة فتح لمجلس النقابة، سأل أحد أصدقاؤه "ماذا تعني نقابة صحافيين؟ وأضاف ان احد الصحافيين من أعضاء حركة فتح أبلغه أنه فاز بالانتخابات وقال له" يلا يا عم هينا فوزناك في نقابة الصحافيين"!!!