موضوع: هل انفاق رفح / انفاق موت ام انفاق صمود السبت يناير 30, 2010 4:25 am
،السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،
كثيرا ما تحدثت وسائل الإعلام عن أنفاق التهريب في رفح، وأفردت الصحف والمحطات الفضائية والإذاعات مساحات واسعة للحديث عنها، خاصة بعد أن أصبحت بمثابة شريان الحياة الوحيد لقطاع غزة المحاصر.
لكن ثمة ما لم يتناوله أحد من قبل بهذا الموضوع، فهناك أحداث غريبة ومثيرة حدثت خلال حفر الأنفاق، أو أثناء تنفيذ عمليات التهريب، خاصة بعد أن بدأ متطفلون يجهلون أصول وقواعد حفر الأنفاق والتعامل بها بالعمل في هذا المجال.
قلة خبرة أم سوء تقدير؟
من المعروف أن لكل نفق فتحتين، واحدة في الجانب الفلسطيني وأخرى في الجانب المصري، ويتم الاتفاق مسبقا ما بين شخصين متواجدين على طرفي الحدود على مكان الفتحتين، ويبدأ الحفر بشكل دقيق بالاعتماد على بوصلة، وأجهزة مقياس محددة، وحديثا على تقنية Google Earth، فنسبة الخطأ تكاد تكون معدومة إذا ما كان يحفر النفق خبراء في هذا المجال.
لكن ما حدث مع أحد المواطنين جنوب المدينة كان غريبا، فبعد أن حددت فتحتا النفق، وبدأ
الحفر بالفعل، وحان وقت إخراج العلامة من باطن الأرض، وهي الخطوة التي عادة ما
تسبق إحداث الفتحة في الجانب المصري، اكتشف مالك النفق أنه سار بنفقه مسافة 200 متر في اتجاه الجنوب، ثم انحرف الحفر على شكل حذوة فرس، وعاد وتوقف على بعد 80
مترا بمحاذاة الفتحة الأولى، ليكتشف هذا الشخص أن فتحتي النفق في الأراضي الفلسطينية،
لكن معرفته بما حدث كانت متأخرة بعد أن خسر شقاء العمر.
محطات وقود
من جهة أخرى، بدا غريبا أن تتحول بعض الأنفاق إلى محطات لتعبئة الوقود، تصطف
أمامها طوابير طويلة من المركبات بانتظار دورها للحصول على الوقود بمختلف أنواعه،
دون أن يتوقف ملاكها عن إجراء الاتصالات مع الطرف الآخر، لحثهم على تسريع ضخ
الوقود بواسطة أنابيب بلاستيكية تم تمديدها داخل النفق.
لكن الأغرب أن بعض ملاك الأنفاق بدأوا بالتفكير بصورة جدية بتهريب الغاز المنزلي، بعد
أن علموا أن أسعاره في الأراضي المصرية أقل بكثير مما هي عليه في قطاع غزة، محاولين
استغلال أزمة الغاز الخانقة التي يعيشها القطاع لتحقيق أرباح كبيرة.
موقف غريب
وفي حكاية واقعية أخرى، أجرى مالك النفق الفلسطيني اتصالا مع شريكه المصري، بعد
انتهاء الحفر، واتفقا على إحداث الفتحة داخل محل تجاري مغلق، لكن خطأ بسيطا أطال
النفق عشرة أمتار عما كان مخططا، فخرج الحفارون من الفتحة المقابلة ليجدوا أنفسهم داخل
معسكر للجيش المصري، وبالطبع لاحق الجنود المصريون الحفارين، الذين فروا إلى داخل
النفق، الذي كان مصيره التدمأسد يستيقظ داخل نفق....
أكثر ملاك الأنفاق في الآونة الأخيرة من تهريب الحيوانات المفترسة والأليفة من خلال
أنفاقهم، لتصل إلى أصحاب حدائق الحيوان المنتشرة في قطاع غزة، ليقوموا بعرضها أمام
الجمهور المتعطش لرؤية مثل هذه الحيوانات.
لكن ما حدث مؤخرا لم يكن متوقعا، فقد اعتاد المهربون على نقل الحيوانات المفترسة بعد
إعطائها حقنة مخدرة لضمان سلامتهم، وبينما هم منشغلون في نقل الأسد الذكر ذي الحجم
الكبير، استيقظ داخل النفق، ففر من كانوا حوله، وسادت أجواء من الرعب، لدرجة أن
بعضهم فكر بقتله بإطلاق النار عليه، لكن كان أحدهم قد احتاط متوقعا الأسوأ، إذ كانت في
جعبته حقنة مخدر احتياطية حقن الأسد بها، فعاد الأخير لنومه العميق، وتمت العملية بنجاح
ودون أى خسائر.
علاقات تجارية ثم اجتماعية
وفي الغالب تكون العلاقة بين مالكي النفق الفلسطيني والمصري تجارية، لكن مع كثرة
التعامل تصبح هناك ألفة تتحول إلى صداقة شخصية ثم عائلية، تتوج بتبادل الزيارات
والولائم.
فبعض ملاك الأنفاق أكدوا أنهم استضافوا عائلات شركائهم في منازلهم، وأقاموا لهم ولائم،
وكذلك فعل مالك النفق المصري مع شريكه.
لكن التنقل بين منزلي الصديقين لا يبدو سهلا، فالوصول إليهما يتطلب السير على أربع،
وسط الظلام الحالك!.
ويقولون: الحاجة أم الاختراع، ومن الإرادة يصنع النصر! لكن هل يمكن أن تكون الحاجة طريق للاستغلال أو الموت، أو الغناء الفاحش؟ هل يمكن أن تكون الأنفاق بين مصر ورفح الفلسطينية طريقة بديلة لدخول ما لا يمكن دخوله إلى غزة الجريحة؟ وتعويضا جزئيا عن الحصار؟ هل هناك أثر لهذه الأنفاق على السياسة، والقرار السياسي؟ سواء الفلسطيني، أم المصري، أم الإسرائيلي ؟
لمن لا يعرف عن الأنفاق شيء، فهي حفرة على شكل مربع طول ضلعه أكثر بقليل من المتر
بعمق يزيد عن ثمان أمتار ليصل إلى عشرين متر في بعض الأحيان حسب طبيعة الأرض
وتكوينها الجيولوجي، من الأراضي الفلسطينية في رفح وتمتد إلى ستمائة، أو ثماني مائة متر
لتتعدى الحدود إلى الأراضي المصرية، وفي نهاية الحفرة من الجانب المصري تأخذ
الحفرة شكل الانحراف الإنفراجي وليس العمودي، بحيث إذا ما ألقيت بشيء في الحفرة
ينزلق بسرعة إلى عمق الحفرة.. في الجانب الفلسطيني تغطى الحفرة بخيمة، أو بناء بيت حولها.. أما في الجانب المصري فتغطى بلوح من الصفيح، أو الخشب . وتقدر عدد الأنفاق
العاملة حاليا ما يفوق المأتي نفق في مسافة لا تزيد عن 1500 متر عند الحدود المصرية
الفلسطينية بين غزة ومصر والتي يبلغ طولها 18 كيلومترا من ساحل البحر باتجاه الشرق
الجنوبي ...
المصريون يمكنهم القضاء على هذه الأنفاق، أو معظمها في أقل من أربع وعشرين ساعة لا
غير.. لكنهم لم يحسموا أمرهم بحجة أنهم يساعدون أشقائهم الفلسطينيين من جهة، ومن
أخرى تدر عليهم دخلا من العملة الصعبة ليست بالقليلة، وكذلك يستفيد عدد ليس بقليل من
رجالات الأمن المصرية الذين يتقاضون أموالا باهظة مقابل غض النظر عما يقوم به
مستخدمو هذه الأنفاق، وربما خوفا من عصابات هؤلاء إذ قتل عدد من الضباط والجنود
المصريين سابقا بسبب ذلك... أما القرار السياسي المصري فهو محكوم باتفاقات كامب ديفيد
بينهم وبين إسرائيل التي لم تتطرق في حينه لهذه المشكلة، أو من باب أن هذه المنطقة
أصبحت ليست حدودا بينها، وبين إسرائيل..
يبقى الفلسطينيون الذين يقطنون غزة يعيشون ضنك الحياة الخالية من الضروريات الأساسية
اللازمة للاستمرار، والتي لا يمكن لأي إنسان في هذا الزمن الاستغناء عنها، وإن وفرت
الأنفاق بعض القليل منها بأسعار خيالية لا يمكن للمواطن العادي ابتياعها في ظل انعدام
الدخل... لكن غزة وأهلها عودتنا منذ زمن طويل على تكيفها مع ظروف كهذه وأصعب منها
أيضا؛ فغزة لن تموت.. أو يبتلعها البحر..! بل سيموت كل المزايدين على وطنيتها، وكل
الغرباء عنها، وكل الذين يحاولون أدلجتها لحسابات ظلامية غريبة.. وستقوم من الجرح أكثر
عافية لتتعملق من جديد..!
وجه نظر من لا يؤيد الانفاق منذ اللحظة الأولى التي وطأ فيها الاحتلال الصهيوني فلسطين فلازال الفلسطيني يقاوم بكل
ما أوتي من قوة دون كلل أو ملل إلا أن وصل به الحد إلى مقارعة الاحتلال في الحصول
على لقمة عيشه التي عمل على منعها فكان من أبرز ما توصلت له العقلية الفلسطينية في
مواجهة محتل يملك أعتى ترسانة عسكرية الأنفاق الواصلة بين شطري الحدود المصرية
والفلسطينية .
فكرة الأنفاق التي لم تكن وليدة اللحظة فلطالما استخدمت مساعدة المقاومة إلا أن الحصار
الصهيوني المفروض على قطاع غزة جعل الحاجة للأنفاق أكبر ومن هنا أصبحت الأنفاق
ظاهرة تجسد أكبر قصة صمود أسطورية يسطرها شعبنا الفلسطيني
لكنا اردنا ان نرى بانفسنا وننزل الى ميدان المعركة ونشاهد الانفاق .
توجهنا على الفور إلى الرجال المكافحين المغامرين العاملين في أنفاق رفح فتعرفنا على آلية
العمل البسيطة المعقدة فشرح بعضهم لنا آلية العمل داخل النفق قائلين إن عملية إدخال
البضائع عبر الأنفاق تمر عبر مراحل متعاقبة وخطرة في نفس الوقت فمنذ اللحظة الأولى
التي يتم فيها توصيل البضائع للجانب المصري لمعبر رفح تبدأ الحكاية حيث يقوم باستلامها
أحد العاملين في الأنفاق من الجانب المصري ويسمى (بالأمين) ليقوم هو بدوره بإنزالها
تحت الأرض بعمق يصل أحيانا إلى واحد وعشرين مترا وتنقل على حملات
وختمنا جولتنا بسؤالهم عن المخاطر التي قد يتعرضونا لها فأضافوا بابتسامة عريضة نحن
ننزل إلى عمق النفق ونحن نعلم إننا قد ل نعود ولكن البحث عن لقمة العيش يحتاج
للمخاطرة . هذه وجهة نظر من يؤيد الانفاق
انت مع او ضد الانفاق؟؟؟
هل هي نعمة ام نقمة؟؟؟
هل انت كما يسميها البعض بانفاق الموت؟؟
او انفاق الصمود والتحدي؟؟ موضوع صراحة يحتاج منا بعض من التفكير.. والوقوف عليه..