أرامل الشهداء تائهات بين ضياع حقوقهن الشرعية وبين الخلافات المتعددة ومطرقة القوانين المحلية القاصرة
التاريخ: 2010-07-17 01:27:57
خانيونس-النهار الاخباريةالبداية لم نكتبها كمقدمة تقريرية فحسب بل نكتبها لأنها أصبحت أهم الموضوعات والتى باتت تتصدر سلم أولويات قطاع النساء الغزيات وتزيد معاناتهن معاناة بفعل الاحتلال وتبعاته التي خلفها .
بين قاب عدد من الأقواس ((حقوق أرامل الشهداء)) والتي تضع سؤال بعرض كافة الجدران التى تلطخت بدماء الشهداء هل تأخذ أرامل الشهداء حقوقهن القانونية والحياتية كاملة بعد وفاة أزواجهن؟؟؟؟
مراسل النهار الاخبارية نزار المزين يطرق أبواب عدد من ذوى الأهلة والاختصاص فى محاولة منه للإجابة عليه فى سياق تقريره التالي.
لم تقتصر معاناتهن على فراق أزواجهن بعد الاستشهاد فبعد أن توارت جثامينهم الثرى بدأت رحلتهن مع المعاناة وازداد المهن ألما واشتدت قسوة معاناتهن وأضيئ الضوء الأخضر لتبدأ رحلة حياتهن الجديدة حياة تتابعها نظرات الناس وحياة تراقبها نظرات أمهات وآباء أزواجهن من الشهداء لخوفهم أن تترك هذه الزوجات بيوت أبناءهن ليذهبن ويعشن في كنف أزواج آخرين غير أبناءهن فصدرت القوانين المجحفة والتى لم تنصف تلك الزوجات من قبل الجميع دون أدنى حق لهم فى إصدارها .
فتقول زوجة الشهيد ع- د والتي تعتبر من أبرز الحالات التي تضج بها شوارع وأحياء قطاع غزة :إن سعي أرامل الشهداء لاستصدار أمر وصاية على أبنائهن يمكنهن من ضمان الحصول على كافة الأموال التي تصرف للشهيد إضافة إلى راتبه فيما يعتبر ذوى الشهيد أن لهم حقوقا على هذه الزوجة يجب أن تحترمها وتفي بها .
أطماع
وتضيف :كثيرا ما تتعرض أرملة الشهيد للعديد من المشاكل بعد أن حولتها مستحقات زوجها الشهيد إلى محل أطماع ليكون عليها القبول بخيار من اثنين إما القبول بالزواج من أحد أشقاء الشهيد أو التنازل عن كافة مستحقات زوجها مقابل احتفاظها برعاية أبنائها أو تزويدها بمصاريفها اليومية مما تكون مضطرة للتنازل عن حقوقها كافة تجنبا للمشاكل وعلى أمل ان تتاح لها فرصة مواصلة حياتها.
وتابعت :أحيانا يصر ذوى الشهيد على ان مستحقات ابنهم هي حق لهم من منطلق أنهم هم المسئولون عن رعاية أبنائه .
عدم ثقة
فيما يقول والد أحد الشهداء الذي رفض الإشارة الى اسمه تحفظا على هيبته:نحن لا نثق في مقدرة الزوجة على تحمل مسئولية تربية أبناء أولادنا الشهداء لأن هذه مسئولية كبيرة ولا يوجد لدينا استعداد لخوض غمار هذه المغامرة التي قد لا تحمد عواقبها.
هذه كانت وجهة نظر والد أحد الشهداء لكن أين القانون من وجهة نظره التى وصفتها زوجات الشهداء بالغير منصفة؟؟؟
قانون معدم
الحقوقي نضال منصور قال لمراسلنا :إن التشريعات المحلية الفلسطينية لا تتضمن نصوصا خاصة بالمرأة الأرملة حيث تعاملت معها على قدم المساواة مع باقي النساء وإن كانت المادة 22من القانون الأساسي المعدل لعام 2003قد نصت على أن ينظم القانون خدمات التامين الصحي والاجتماعي ومعاشات الشيخوخة والعجز ورعاية أسر الشهداء والأسرى ورعاية الجرحى والمتضررين والمعاقين وتكفل السلطة الوطنية لهم خدمات التعليم والتامين الصحي والاجتماعي.
عبودية
وعن ماهية أسباب الخلافات التى تنشب بين عائلات الشهداء وزوجاتهم حصرها الشيخ بلال المزين في عبودية المال و العادات المجتمعية وضعف الوازع الديني ذات العلاقة بالنظرة السلبية للمرأة.
وفي ما يتعلق بالحقوق الشرعية لزوجة الشهيد قال المزين :ان مستحقات الشهيد والأموال التي تأتي باسمة تدخل في التركة فهي غير مشروطة ومصيرها مثلها فتقسم ميراثا وإذا كانت له وصية فلا يتجاوز تغطيتها ثلث التركة والباقي يوزع بمثابة الميراث .
ويضيف المزين: وبالنسبة للأموال التى تدفع لذوى الشهيد فهي تأخذ دون شرط حكم التركة سواء كانت دفعة مقطوعة أو مال دوري مع وجود العديد من التفصيلات في المحاكم الشرعية وقانون الخدمة المدنية والعسكرية يحسن مراعاتها عند التوزيع ضمانا للعدالة ولمنع الخصومة
وللحد من الخلافات على مستحقات الشهداء أكد الشيخ بلال المزين على ضرورة أن يتعرف الواهبين على أحوال ذوي الشهداء قبل الوهب إليهم فإن وجدوا لديهم صلاحا ونقى فالأفضل ألا يشترطوا عند هبتهم للمال لأن أحكام الميراث بحد ذاتها كفلت لكل ذي حق حقه وأما إذا كانوا غير أتقياء فالأفضل اشتراط آلية التوزيع قطعا لدابر الخصومة .
أولويات ومعيقات
من جهته اكد الباحث والناشط الحقوقي ياسر عبود أن ميدان المحاكم في قطاع غزة غني بنماذج الخلافات بين أرامل الشهداء وذويهم مشيرا من خلال رصده لما يحدث في المحاكم الشرعية خلال الفترة الأخيرة ظهر بوضوح تزايد الخلافات بين أرامل الشهداء وذويهم على مستحقات الشهيد منوها انه في بعض الحالات تكون الزوجة مظلومة وفي حالات أخرى يتعرض والد الشهيد ووالدته للإجحاف .
وحول السبل التي يمكن من خلالها الحد من هذه الخلافات قال عبود :إن مستحقات الشهيد ليست بتركة فبعض المؤسسات الواهبة تسمي الأطراف المستفيدة كالأنباء أو الزوجة والأبناء أو كل من يرث الشهيد .مشيرا ان المشاكل تحدث عادة عندما لا تسمي المؤسسات المستفيدة مما تظهر بعض الأطراف الطامعة .
ودعا الحقوقي ياسر عبود المؤسسات الواهبة إلى تحديد الطرف المستفيد من المال الموهوب شريطة دراسة حالة ذوي الشهيد الاجتماعية منوها الى قصة والد أحد الشهداء والتي قام بمتابعتها قائلا :كان والد الشهيد ووالدته في أمس الحاجة إلى المال الموهوب لفقرهما وسوء أوضاعهما الاقتصادية حيث يعتبر في مثل هذه الحالات من الإجحاف ان يتم حرمانهما من المال لصالح زوجة الشهيد وأبنائه. مضيفا ان موضوع الحقوق الشرعية للنساء أرامل الشهداء أصبح في ظل ارتفاع أعدادهن واحد من الموضوعات ذات الصدى وان حالات عدة شهدت نشوب خلافات على مستحقات الشهيد الواسع في الشارع الفلسطيني وفي أوساط صانعي القرار خاصة بين زوجته وذويه بشكل لايمكنه إلا وان يشوه صورة نضال الشعب الفلسطيني وابنائة وما قدم هولاء الشهداء.
ويؤكد كلام الحقوقي عبود أستاذ علم الاجتماع يوسف نصير والذي قال :ان أولويات النساء تغيرت بفعل العدوان المستمر على الشعب الفلسطيني فالنساء لم تعد مهتمة بالتعرف على نوعية الحقوق المرتبطة بموضوعات الزواج الطلاق النفقة والحضانة وتبين أكثر اهتماما بالتعرف على موضوعات جديد ة فرضتها التبعات المترتبة على العدوان كالميراث والحقوق الشرعية للأطفال الأيتام.
ويضيف نصير ان هناك أكثر من عشرون معوقا تواجهها أرامل الشهيد تجعلها تفتقر لمهارات التواصل الاجتماعي وهي عدم توفر مصدر دخل ثابت للزوجة تجاه الأبناء وتدخل أهل الزوج في تربية الأبناء وفرض أرائهم عليها وحجب الأبناء عنها بعد زواجها من شخص آخر و النظر لها أنها عنصر غريب بين أهل الشهيد والحد من حركة الزوجة والتضييق عليها و التشكيك في قدرتها على رعاية الأولاد وافتعال مشاكل من قبل أهل الشهيد و التعدي على حقوقها المالية من قبل أهل الزوج و منعها من أكمال دراستها والتدخل في أمورها الخاصة وكذلك الشعور بالوحدة وفقدان النصير و عدم وجود بيت مستقل لها ولأولادها وضعف قدرتها على مواجهة مشكلات الحياة للأمر الواقع والشعور بالإحباط وافتقارها إلى بر الأمان.
بالختام تلك كانت مشاكل أرامل الشهداء والتي تئن بها قلوبهن لكن أين القوانين السماوية المشرعة لإنصافهن ام ان القوانين الاجتماعية هي التى أصبحت مشرعة وحلت مكانها وأصبحت المقرة قانونيا؟؟؟
وبصرخة عريضة من أفواه أرامل الشهداء لكل مجحف بتطبيق القوانين التى تكفل حقوقهن نضع التساؤل هل هذه الاجحافات بحقهن هي تعبير عن الولاء لدماء الشهداء الطاهرة وتضحياتهم من اجل استمرارية حياتنا ؟؟؟؟؟